الجمعة، 27 مارس 2015

الطريدة /خيال علمي / ح 2


الطريدة 2

"الثامن عشر ابريل 1955 كان هو موعد الاستقالة النهائية من مجال العلم عند آنيشتاين فقد لفظ أنفاسه الأخيرة وهو ممسك بدفتره وقلمه العنيدين الذي رفضا الرضوخ لمحاولاته المريرة للتوحيد بين القوانين الكبرى للفيزياء بعد أن حطمت حضوره العلمي نظرية فتية مفعمة بالفوضوية، أنفق آنشتاين ملايين الدقائق في محاولة التوحيد ومات قبل حدوثه ."

أفاقت زينب من حالة الاندماج العالية مع الكمبيوتر الخارق وتذكرت أن لديها صديقين موجودان في نفس المكان .. التفتت بسرعة وخاطبتهما قبل أن يتحدثا :
-         نعم الأمر كما شاهدتما تماما .. وهو ممكن الحدوث وبشكل طبيعي، تحتاجان فقط أن تنالا قسطا من الراحة وتتركا الذعر البادي على وجهيكما وخصوصا أنت يا صديقي – و أشارت إلى محمود - .. ما يطلبه الموقف بشكل ملح هو البقاء هادئين وأن لا نترك أي فرصة لأي شخص أن يعرف بما بين يدينا .
ثم خاطبت الكمبيوتر
-         221221 أريدك الآن ان تعيد التشكل على تصميم فلاشة جيب .
وبطريقة سريعة اختفى الشكل السابق للكمبيوتر وتحول إلى فلاشة رمادية نحت عليها الرقم 221221 بشكل فني يميل لأسلوب الزخرفة العربية الأثرية ولفته الدكتورة في حقيبتها.
كان محمود يعي أن يومه ذاك هو أغرب يوم عاشه في حياته السابقة كلها ..  لقد سمع عن السفر عبر الزمن كمرويات خيالية ماتعة وعاش متعة القصص والأفلام التي شاهدها عن الانتقال الآني للأجسام.
خطى محمود خطوات بطيئة نحو الباب ثم عاد وسأل مصطفى عن مكان دورة المياه .. ثم تبع الإشارة في خطوات متثاقلة كمن لا يشعر بأي عضو منه واختفى في المنعطف الأيمن.

 همست الدكتورة زينب لمصطفى بصوت منخفض مسموع :
-         حاول أن تحافظ على صديقك في الوضع الصامت .. حاول أن تدعوه للإقامة معك لأيام ليساعدنا في مشروع إنقاذ المستقبل فثرثرته قد تفسد كل شيء .
كما أريد منك أن تعمل في معملك على تحضير حجيرة تغذى بنبضات مغناطيسية قوية بتردد سريع.
كان المعمل الصغير ،الذي يواظب مصطفى على إجراء أبحاثه التجريبية فيه، عبارة عن رواق وثلاثة غرف من الخرسانة العازلة للصوت في طابق أسفل الطابق الأرضي .. كان قطاعا معزولا بشكل كامل عن باقي المبنى.
تعود مصطفى إجراء بعض التجارب المتعلقة بمشروعه الهادف لتصميم بطاريات صغيرة تستخدم الطاقة النووية الضعيفة و يرى فيها ميزة توفير طاقة غير محدودة إذا ما نجح في بتصميمها بشكلها الآمن .. ولذلك صمم مختبره على ذلك المنوال المراعي للسلامة.
بدأ مصطفى بالعمل على تنفيذ طلب الدكتورة لتوفير الحجيرة المطلوبة في الغرفة رقم1 .. وكانت الدكتورة قد غرقت في التفكير على مقعد البيانو المعزول في أحد أركان الرواق ثم بدأت في قرع أزرار البيانو عازفة مقاطع صوتية متزايدة الترددات حتى الزر الأخير ثم تناولت الفلاشة من جديد ونادت باسم الكمبيوتر فعاد للتشكل من جديد وخاطبها دون مقدمات :
-         دكتورة زينب .. اريد تذكيرك أن النبضة المغناطيسية الشديدة قد تجعلني غير قادر على إجراء تواصل بينك مع حلقات العلماء وبالأخص عالمك المفضل "آنيشتاين"
ثم بدأ ببث فيديو معكوس على الجدار القريب فظهر العجوز آنيشتاين في مكتبة منزله بنيوجيرسي وهو يمشي ذهابا وجيئة وقد اشتد احمرار التبغ على رأس غليونه .. يبدو مرتبكا وقلقا ويقطع مشيته المضطربة حين يهم بتدوين ملاحظات على السبورة الكبيرة دوريا،
صاحت الدكتورة زينب في الكمبيوتر :
-         هل يمكن أن أكلمه ؟ !
-         ليس الآن
-         متى؟ !
-         .. حسنا! .. هذا الفيديو من 13 يوليو1945 وآنيشتاين يشعر بالاضطراب والخوف على مصير العالم والدموية التي وصلت لها الحرب العالمية الثانية .. هل تظنين أنه وقت مناسب للتواصل يا دكتورة ؟!
-         ليس مناسب فعلا .. تابع العرض فمشاهدته تجعلني أكثر الهاما وأنا فعلا بحاجة للإلهام في هذا الوقت بالذات ..
عاد محمود وانضم للدكتورة في ركنها وتابع الفيديو بصمت وقد زال الكثير من ملامح دهشته السابقة قبل دقائق .. وإثر محاورة مقتضبة مع الدكتورة فهم أن العرض ليس سوى نقل لحظي مباشر قادم من الماضي البعيد لأكثر شخصية حضورا في مجال العلم وأثناء متابعة العرض كانت الدكتورة توضح له كيف يمكن أن يحدث ذلك .. وفي تلك الحظة قرر العالم الكبير الجلوس وتناول قهوته المسائية ثم بدء بتصفح جريدته بترقب .. هنا توقف العرض فجأة .
اعتذر الكمبيوتر عن الانقطاع المفاجئ وبين أن النقل توقف بمشكلة متعلقة بالطاقة ، وفيما كانت الدكتورة تهز رأسها موافقة (رغم ما كانت تحاول اخفاءه من استغراب) أخبرهم مصطفى أن الغرفة جاهزة فحملت الدكتورة الكمبيوتر و مشى الثلاثة باتجاه الغرفة وفي داخلها وضعت الكمبيوتر على الطاولة في المنتصف .
نظرت الدكتورة في ساعة يدها وهاتفها فوجدتهما معطلان تماما ، وكان نفس الأمر قد حصل مع محمود ومصطفى .. هنا بدأت الدكتورة تدور بالطاولة وهي تردد بشكل مكرر سريع وبنبرة ساخرة عبارة "حسنا".. "حسنا" ! :
-         عزيزاي أتوقع أننا أمام حالة خداع معقدة مسافرة عبر الزمن .. هذا الكمبيوتر غير صادق حسب ظني في الكثير من المعلومات التي قدم .. لقد تمت برمجته بطريقة متقدمة جدا عما يمكن أن تتخيلاه ومن بين ما تمت برمجته عليه الخداع .. لذلك يضع كلمة "حسنا" كلما أراد أن يتصرف من خلال برمجته المعقدة في حياكة قصة كاذبة .. الكمبيوتر قدم لنا بعض الحقيقة لكنه يخفي الكثير مما عليه العالم في 2221 .. و "حسنا" هذه بالنسبة له هي كلمة مفتاحية للتصرف بالخداع لإخفاء المعلومات التي لا يرغب بمشاركتها معنا .. لذلك نحن في فخ خطير والمستقبل في فخ أخطر ربما .
-         ليس ما سأقوله بغرض إنكار ما قلته يا دكتورة فقد شاهدت أكثر الأشياء غرابة في حياتي تحصل اليوم .. لكنك أطلعت الكمبيوتر على اكتشافك الرائع هذا وهو متقدم علينا جميعا – قال محمود--
ردت الدكتورة بسرعة :
-         لا خوف من ذلك .. فالكمبيوتر الآن مصاب "بالصداع"، النبضات المغناطيسية تجعله في حالة خدر تام وربما تعطل .. علينا الخروج والتفكير في السيناريوهات المحتملة لحقيقة المشكلة التي نعاني منها الآن أو يعاني منها العالم في المستقبل .
أما بالنسبة لي فلدي حافز جديد على العمل بشكل أقوى على مشاريع لوغارتميات الدماغ .. لقد أوشكت على الاستسلام من حجم الاحباط الذي أحاطني به الجميع .

سحبت الدكتورة الكمبيوتر وهي تهم بالاحتفاظ به وطلبت الاذن من الصديقين الواقفين وعللت احتفاظها بالكمبيوتر بضرورة فحصه لمعرفة المزيد حوله . 

الأربعاء، 25 مارس 2015

الطريدة / خيال علمي / حلقة 1

الطريدة1
1
"في يوم ما من عام 1665 كان نيوتن يضع القوانين الآلية التي تحرك الكون المشاهد، لكنه كان غير راض بشكل نهائي عن نظريته لأنها لا تفسر حقيقة القوة المركزية التي كشف عنها، قضى السير اسحق نيوتن بعدها ملايين الدقائق في ممارسة أنشطة تميل للسحر واستحضار الأرواح وتعتمد الأفكار الشبحية"

كان محمود يراقب مذياعه الرمادي ذي الطراز القديم، الذي ربحه صباح ذلك اليوم من محل تجاري بوصفه أفضل زبون لذلك ، كان يراقبه عن كثب وقد أخذت منه الدهشة مأخذا كبيرا فهو أمام ظاهرة متفردة لم يسبق لشخص ما أن لاحظها أو جرب حدوثها .
لقد كانت الكلاندرية المعلقة على الجدار تشير إلى يوم 20 يناير 2021 بينما كان المذيع في المذياع يقدم نشرة اخبارية عن مجريات الأحداث التي حدثت يوم 20 ديسمبر 2021 .
فتح محمود كمبيوتره بسرعة محاولا اكتشاف تاريخ اليوم بشكل أدق من شبكة الانترنت فتبين له أن تاريخ الكلاندرية تاريخ صحيح فشعر بانقباض قوي أسفل المعدة وبدأت دقات قلبه تزداد بعنف شديد وبدأت عشرات الأفكار تغزو رأسه الكسول في سرعة واضطراب وفجأة تذكر زميله مصطفى الذي طالما وصفه بالمخبول.
مصطفى صاحب مختبر غريب يعطي انطباعا غريبا شبيها بالانطباع الذي تتركه المقابر الفرعونية في نفوس الزائرين حيث يمكنك أن تتوقع كل الغرائب في وكر الرعب والغرابة ذلك .. تناول محمود المذياع ولفه في قطعة جريدة وخرج يهرول من باب الشقة ولديه شعور أن هذا الشيء الذي يحمله ينتمي في غرابته للمكان الذي يعمل فيه صديقه مصطفى.
كانت دهشة مصطفى أكبر من محمود حين أعاد ضبط الراديو على عدة محطات زمنية "25/فبراير/2026" ... "17/يناير/2030"  ... وبدأ الصديقان يحملقان في بعضهما غير مصدقين لما يسمعانه ولوهلة فكر مصطفى بصوت مسموع :
-         هل من المعقول أن هذا حدث فعلا ؟!
اكتمل تصديق محمود بحدوث الأمر ولم يعد يخالطه ذلك الشك المخيف الذي شغله طول الطريق في أنه يتخيل كل شيء، ثم بإلحاح بدأ يستجدي توضيحا من مصطفى الذي لديه علم عميق بأشياء كثيرة من بينها علم الفيزياء :
-         ماذا يحدث ؟ ... اخبرني بالله عليك يا مصطفى .
وفي اضطراب مشوب بالريبة تتابعت كلمات مصطفى بتراخي وحذر :
-         يبدو أن هذا الراديو يلتقط إشارات أثير مستقبلية !
بدا الأمر أقل غموضا لمحمود فهو كان يستمع قبل قليل لنشرات إخبارية لا تنتمي لأي زمن ماض أو حاضر... ولعله لم يكن ينتظر هذه الإجابة.
-         نعم يبدو الأمر كذلك .. لكن كيف ؟!
وحين أكمل محمود سؤاله كان مصطفى قد جلس على كمبيوتره الخاص وبدأ بطباعة رسالة مسرعا ومضطربا على البريد الالكتروني .
-         إن كان هناك أمر ما يمكن فهمه في هذا العصر يخص هذا الجهاز فسنعرفه من خلال الدكتورة زينب .. ثم تابع مصطفى ..
الدكتورة زينب هي إحدى العقول المتطرفة في علوم الفيزياء والرياضيات وقد مارست هوايتها الغريبة والغير مقبولة بمعنى ما في المجتمعات العلمية مما جعلها شبه منبوذة بسبب طموحاتها الغير مقبولة لدى "بسطاء" العقول – كما تسمي هي نفسها المجتمع العلمي - .. ذات عشاء قابلتها وتعرفت عليها، أخبرتني عن مشروعها العلمي الكبير! .. وهو غريب نوعا ما فهو متعلق بصيغ رياضية لعمل الدماغ البشري وتطلق على المشروع "لوغاريتمات الدماغ"  .
-         لا يبدو لي مشروعا غريبا خصوصا لك أنت ــ قال محمود وهو يبتسم في حذر ــ
-         نعم يبدو عاديا!،  لكنها لا تقصد الدماغ البشري اليوم فقط .. فاللوغارتمات التي تحلم بها الدكتورة زينب ترسم خريطة دماغية بدلالة الزمن متوقعة لقدرات الدماغ البشري على مدى ألف عام في المستقبل .
هنا عادت لمحمود بلاهته المعهودة وصاح :
-         ألف عام !!!  .
-         نعم .. ألف عام! ولا تعتبرها الدكتورة غريبة بدرجتك هذه، فهي تطمح للوصول إلى أبعد من ذلك ، ربما مليون عام .
في تلك اللحظة كان منبه البريد الالكتروني يطن طنينا خفيفا وفتحت رسالة رد أوتوماتيكية:
"لقد حددت موقعك وأنا في الطريق"

تابع مصطفى باهتمام وبحركات أنيقة فيما استمرت علامة البلاهة تزيد في نظرات محمود :
-         تعتقد الدكتورة اعتقادا غريبا آخر وهو أن الكثير من الأشياء التي نقوم بها اليوم أو نكتشفها أو تدخل في مجالات العلوم خصوصا تلك القفزات القوية والنظريات الجريئة ليست سوى معلومات قادمة من المستقبل بطريقة مقصودة .. أي أننا نخترع الأشياء لأن أحفادنا المستقبليين وجدوا طريقة ما لإرسال معلوماتها أو تسهيل فهمها لنا.
-         مجنونة !
-         لكن جهاز الراديو يقول شيئا غير ذلك !
دخلت الدكتورة زينب مسرعة ولازالت على رأسها قبعة الحماية الخاصة بالدراجة وصاحت مع دخولها طالبة رؤية الراديو .. كان محمود في ذلك الحين يقترب مادا يده محاولا مصافحتها وقد حمل مصطفى الراديو اثناء ذلك فيما مرت الدكتورة بسرعة متجاهلة مصافحة محمود وانتزعت الجهاز من مصطفى وبدأت في تفحصه بشكل مكثف ثم تمتمت بملاحظات غير مسموعة !
-         هذا ليس راديو .. هذا كمبيوتر مستقبلي – قالت الدكتورة -
-         هل يمكن توضيح ذلك اكثر؟ ــ قال مصطفى ـــ
-         نعم بالتأكيد ... هل يمكن أن تناولني مقعدا لو سمحت .. حسنا، انظر .. كامرتين بمجموع زوايا 720 درجة وهو ما يعني لفة زمكانية .. ليس هناك مزود طاقة .. لا بطارية .. ولا مكان للشحن .. لكن هناك خرطوما داخليا بنهاية مدببة مع بطانة محول .. الكمبيوتر يتقن استخدام الطاقة المظلمة الكمومية .. هذا الشكل ليس الشكل النهائي للكمبيوتر والوحيد.
كان محمود يهز رأسه في بلاهته الموهمة بفهم ما يقال ، ثم سأل كمن وجد نقطة معتمة عصية على الفهم في شرح الدكتورة :
-         مادام كمبيوترا من المستقبل فأين لوحة المفاتيح ؟
التفت الدكتورة وحدقت فيه من فوق نظاراته:
-         لماذا لوحة المفاتيح ؟! .. الكمبيوتر المستقبلي بإمكانه الكتابة بتلقي النصوص تسجيليا .. الآن لنعد تشغيله ولننظر ماذا قد نجد أيضا ..
بدأت الدكتورة بتقليب الجهاز باحثة عن زر التشغيل وحدثت مفاجئة كبيرة بصدور صوت مفاجئ من الكمبيوتر:
-         أهلا دكتورة زينب ..  منذ ثلاثة أيام أبحث عنك .
عاد الذهول من جديد لمصطفى ومحمود وظلت الدكتورة منتصبة في مكانها دون أن تتغير تعابير وجهها وبدأت في التحادث المباشر مع الكمبيوتر :
-         هل يمكنني معرفة ما اسمك ؟
-         اسمي 221221 أنا الكمبيوتر الأول من نوعي
-         كيف عثرت علي ؟
-         كانت البداية من المنزل 5 من القطاع ب في مدينة الخرطوم العلمية ، يبدو أني وقعت في خطإ حسابي طفيف فقد أكدت حساباتي أنك متواجدة هناك الآن وحين وصلت وجدت أن هذه المدينة العلمية العظيمة لم يتم بناؤها بعد، كان علي اعادة فحص كل قواعد البيانات على الأرض لوضع خطة للوصول إليك .. عثرت على صور كثيرة لك وعدة ارتباطات مع الكثير من صلات الربط الممكنة لذلك حددت الطريق الأمثل عن طريق محمود الذي يحب جمع الأشياء العتيقة ثم مصطفى صديقه الذي تربطك به اتصالات سابقة فقد أثرت فيه بشكل عميق بأفكارك ودراساتك التي يظنها غريبة وحالمة... اخترقت قائمة المبيعات في أكثر متجر يتردد عليه محمود ووضعت رقمي التسلسلي في قائمة المبيعات العتيقة ثم على نفس المنوال حددت رقمي التسلسلي كجائزة لأحسن مشتري من المتجر لذلك العام ، وعن طريق الانتقال الآني كنت في المكان و الوقت المناسبين وعلى شكل مذياع عتيق .. وكنت راضيا بنسبة 50% حين كنت بين أشياء محمود وبدأت بتمثل النشرات الاخبارية المستقبلية التي جعلته يرتعب ثم يبحث عن الإجابات من صديقه مصطفى الذي سيلجأ إليك فأنت الوحيدة التي ستستمعين لهذه القصة الغريبة ! .
-         مبهر .... ما  هي مهمتك ؟
-         نعم ؟ .. حسنا!، يبدو أن المجال المغناطيسي للأرض سيدخل مرحلة الحرج الكارثية مع منتصف القرن الثالث والعشرين .. وهذا المجال -  كما تعلمين –  لو تضاءل أو اختفى سيجعل الأرض فرنا ساخنا بسبب عبور أشعة الرياح الشمسية للغلاف الجوي وستكون الحياة مستحيلة، كما سيسبب قبل ذلك وفي اللحظات البدائية له تشويشا كاملا على كل الأجهزة الألكترونية مما يعني بالمجمل غياب العلم .
-         كيف يختفي المجال المغناطيسي إذا كان يعتمد على الحديد والنيكل المنصهران في قلب الأرض، واللذان يعتبران أكثر المعادن استقرارا وثباتا ؟
-         ..حسنا!  أنت تعلمين حالة الجشع التي تميز الانسان والتي تستمر في الزيادة دائما كلما عرف أكثر .. لقد تأسست شركات تمتلك تكنلوجيا متقدمة في استخراج المعادن من نواة الأرض والتي كان الذهب والنحاس فيها مركزان بشكل كبير على عكس ما هو متوقع .. ولقد دمرت تلك الاستخراجات المتكررة والغير مراقبة توازن المجال المغناطيسي الطبيعي للأرض ، وحلت الكارثة
-         بماذا يمكن أن أساعد ؟ !
-         ..حسنا! لقد أرسلنا عدة حواسيب لعدة علماء عظماء  في التاريخ ممن يمكنهم فهم ميكانيزمات السفر عبر الزمن ، أي علماء ما بعد النظرية النسبية بمن في ذلك آنيشتاين نفسه ..
نعم نحن نعرف مدى شغفك بهذا العالم لذلك هذه فرصة كاملة للتواصل معه صوتا وصورة فهو الآن جالس في مكتب براعات الاختراع بسويسرا ويحاول صناعة العظمة عن طريق نظرياته المجنونة التي تشبه لوغاريتمات الدماغ الخاصة بك .
أما ما يمكنك أن تساعدي به فهو الاستشارة على أن اخبرك بالتفاصيل فيما بعد.
كم هو بديع أن كل جهود العلماء الكبار على مدى قرنين ستصهر في مشروع علمي كبير لإنقاذ الأرض .. أليس هذا أمر مذهلا !.
-         مادام الأمر كذلك ..  فسأكون مسرورة بمشاركتكم في مشروعكم العظيم بعد دقائق من الحديث مع آنيشتاين.

-         حسنا لا يمكنك الحديث معه الآن لكن سأعرض لك نقلا مباشرا من جولاته في مكتب شقته بزيورخ وهو يحاول كشف الغموض عن نظريته العظيمة.