الثلاثاء، 7 أبريل 2015

الطريدة/خيال علمي/ ح 4 والأخيرة

الطريدة 4

·      اللوغاريتمة الأولى كانت تتعلق بملكة التمييز بين الأشياء على مر العصور ومن هناك انطلق العلم ، القدرة على التمييز
·      اللوغاريتمة الثانية كانت حول القدرات العاطفية على مر العصور ومن هنا انطلقت الحضارة المركبة ، القدرة على إبداع أنواع الترابط والتشارك
·      اللوغاريتمة الثالثة كانت تدرس التفكير المنطقي الذي طور العلم وكشف خبايا الكون على ورافق بينها على مر العصور
·      اللوغارتمة الرابعة كانت تستنتج مفاتيح الدماغ وإمكانات الولوج إليه ، على مر العصور.
-         "نعم هذا هو السبب" ! . .. - قالت الدكتورة -

كانت الدكتورة تفكر :
"إذا فالعالم ليس متضررا في العام 2221 على الوجه الذي ذكره 221221 .. فإما أنهم وصلوا للطريقة المثلى لإنقاذه أو أنه لم يهدد يوما بتلك الطريقة .. في كلا الحالتين هناك استغفال وتشويه للحقائق هناك !"
جمعت الدكتورة جميع الملفات التي تحوي كل ما كتبته على مدى أسبوعين ثم وزعتهما على المنضدة بعد توزيعهما على اربع ملفات في اللحظة التي كان الكمبيوتر يعيد قراءة كل شيء ، ختمت الدكتورة كل ملف برقم من الأرقام 1 و 2 و 3 و 4 .. كانت علامات الإعياء الشديد بادية على وجهها فهي لم تسترح إلا ساعتين من كل يوم على مر الأسابيع الماضية.
عادت للتفكير :
" ليس هناك ما يجعل التفكير مختلفا كثيرا في عام 2221 فأساسيات المنطق البشري تتغير بالتناسب مع التطور البيولوجي : أي بشكل بطيء جدا .. وذلك لن ينتج اختلافا كبيرا في الأسس المنطقية في هذه الفترة القصيرة  "200" عام.
لكن الكثير من المتغيرات قد حدثت بمعزل عن التطور البيولوجي .. يشبه الأمر تغير منطقنا – العلمي - بشكل ملحوظ بعد النظرية النسبية .. ثم بشكل أكبر بعد ميكانيكا الكم .. وأخيرا بعد النظرية M "
بدأت في كتابة شيء ما على ورقة واستمرت وكأنها وجدت شيئا جديدا في ركام الافكار كانت تبحث عنه، وفي هذه اللحظة دخل مصطفى وقد أكد اكتمال التجربة بنجاح 80% ، ناولت الدكتورة مصطفى ورقة كتب عليها
"ضع الكمبيوتر في الحجيرة وأغلقاها بإحكام ثم فرغاها بالنسبة التي تستطيع من المادة و الطاقة .. لقد حللت اللغز"
وضع مصطفى الكمبيوتر في الحجيرة وجلسا يحملقان في شاشة عرض قريبة منهما تنقل ما يحدث مباشرة في الحجيرة .. كل شيء طبيعي والكمبيوتر في مكانه .

***
اجتمع الصديقان قرب الدكتورة وقد ضاقت بهما الغرفة والزمن وقد شعرا بمرور كل ثانية كما لو كانت ساعة كاملة ، نظرت إليهما وسحبت نفسا عميقا وبدأت بإلقاء ما في جعبتها في أيديهم :
-         لماذا يرغب العالم في  المستقبل وهو متقدم جدا في مساعدة مني أو من آنشتاين أو من غيرنا .. وكل القائمة التي شاهدت هي من العلماء النظريين ؟ !
لقد ارسلوا كمبيوترا بإمكانه لوحده تدمير عالمنا كله والتلاعب به فكيف يرغبون بمساعدتنا في أمور لها علاقة ماسة بحياتهم ولديهم من القدرة ما لا يمكن أن نتخيله ، هذا اذا اعتبرنا أن الكمبيوتر الذي بين يدينا اليوم ليس سوى نموذجا بسيطا عن ما عندهم  ؟!.
لقد ظننت بسذاجة سابقا أن بإمكان مجال مغناطيسي متردد يصدر نبضات قوية أن يوقف كمبيوترا خارقا.
ويظن مصطفى الآن أن غرفة فارغة من المادة والطاقة ستوقفه .. انظروا ايها السادة إلى هذه الملفات الأربعة المطروحة على المنضدة.
كانت الملفات مطروحة بانتظام ومرقمة وفي تلك الاثناء اختفى واحد منها وبالتحديد رقم 4  بشكل مفاجئ وسريع كأنه تبخر .. حينها أمسك محمود بالمنضدة وصاح في خوف فيما ظل مصطفى مركزا نظره عليها والملفات الثلاثة مطروحة بانتظام دون أن يتأثر أي منها . .. عادت الدكتورة للحديث وأشارت إلى شاشة العرض القريبة منها  :
-         انظرا الآن إلى الحجيرة المفرغة التي وضعنا الكمبيوتر داخلها .. لا أثر له.
لقد خدعني الكمبيوتر في المرة الأولى حين بحثت عن ثغرات فيه وهو خطأ لم يتكرر بعد ذلك لأنني ركزت لاحقا على خروقات العقل الذى مصممه، لذلك أخطأت في المرة أولى ونجحت في الثانية ،
كان الجهاز مصمما بتكنلوجيا قادرة على امتصاص النبضات المغناطيسية وهو أمر لم أتوقعه في لحظة السذاجة السابقة ..  "طبعا" .. كيف لم أفكر في هذا الامر حينها فسلاح النبضات المغناطيسية هو سلاح تقليدي جدا بالنسبة لهم كما الفأس بالنسبة لنا اليوم  .
-         كيف كنت واثقة أنه كاذب رغم أن أسباب الشكوك كانت غير قوية ؟! ــ قال محمودــ
-         لقد ارتكب الكمبيوتر  أكبر خطإ كارثي يمكن أن يرتكبه احد .. لقد قدم معلومتين متضاربتين، فأثناء عرضه لآنيشتاين في المرة الماضية قال أن التاريخ كان 13 يوليو 1945 في الوقت الذي تناول آنيشتاين الصحيفة والتي كتب على غلافها خبر عريض عن اسقاط القنبلة النووية الأمريكية واستسلام اليابان ، أي بالتأكيد بعد 6 أغسطس .
-         تابعي ــ أشار مصطفى ــ
-         لقد اكتشف الكمبيوتر أنني كشفته في الكلمة المفتاحية المبرمجة للخداع وهي "حسنا" لذلك استبدلها بكلمة قريبة منها وقعا "طبعا" .. وقد صرحت أمامكم أنني مقتنعة تماما بصدق روايته وهو تصريح متعمد فهو لن يصدقه بشكل كامل وهنا تبدأ الثغرات والاخفاقات البشرية في الظهور على الآلة التي صنعوها .. فقد قررت أن اتوقف عن مطاردة حقيقته وقمت بتبديل الأسلوب .. فصرت أنا الطريدة !.
 كنت راغبة في شغل بعض تفكيره بالشكوك حول تصديقي من عدمه.
سألت نفسي لعدة ليالي عن ماذا يبحثون ؟ !.. فإسهامي الوحيد – الملفت - في ميدان العلم كان في الهندسة الدماغية المنبوذة علميا، وكنت أوشك على انهاء اللوغاريتمة الثانية وكان الكمبيوتر مهتما بمتابعتها معي .. وأتت "طبعا" مرة أخرى حين قال لي أنه مهتم بانهائي لعملي كي اصفي البال لمساعدتهم عن طريق نظريتي العظيمة - ثم ابتسمت في سخرية - ، إذا .. كان يريد شيئا له علاقة باللوغاريتمات التي أعمل عليها .. وقد اتضح لي أن ادراكهم متقدم حول عملي غير أنهم يجدون ثغرات فيه، فربما قمت بإنجاز تلك النظريات في المستقبل غير أن ملفاتها تدمرت أو اختفت من زمنهم ، لذلك عادوا للبحث عنها .. وهنا كانت اللوغاريتمة الثالثة قد اكتملت تماما بمساعدة كبيرة من الكمبيوتر ، بدأت باستخدام اللوغاريتمات الثلاثة مع تحديد متغير الزمن عند 2221 وكانت النتيجة رائعة .. لقد أعطتني دائما نتائج متوقعة وحقيقية.. لكن من بين ما أعطتني هو قدرتهم على تصميم نظام الكترومغناطيسي للسيطرة على بعض السلوك البشرية في تخفيف الجريمة وزيادة الانتاج لكنها تبقى ناقصة فهي تعمل عن طريق ممارسة ألعاب عاطفية تزيد السعادة مما يقلل من العنف .
لكن ماذا لو اكتملت هذه التكنلوجيا ؟ ! ماذا لو صاغت نظاما يمكنه السيطرة الكاملة على دماغ الإنسان ؟ !
"لو تم إرسال هذا الكمبيوتر إلي فهو في سبيل شيء كهذا" .. لذلك قررت القيام بنشر ورقة تعريفية بأبحاثي وركزت فيها على اللوغاريتمة الرابعة التي ابتكرتها ذلك الوقت مباشرة، لكن الكثير من الحديث عنها والقليل من العمل عليها لم يكن ليكون مقنعا .. لذلك بدأت في العمل عليها بجهد دؤوب وقد نجحت .. لقد صغت لوغاريتمية بإمكانها اخضاع دماغ الإنسان بشكل كامل لو حظيت بالتكنلوجيا اللازمة، وهذا ما كان يريده الرجل الجالس خلف الكمبيوتر: لوغاريتمة كاملة عن طريقها وبواسطة بعض التكنلوجيا المتقدمة نسبيا في الالكترومغناطيسية يمكنك إدارة مدينة كاملة من البشر عن طريق لوحة المفاتيح .
-         إذا سلمتهم سلاحا للسيطرة على عقول الناس ـ صاح محمود ـ
-         ليس الأمر كذلك - تابعت الدكتورة - .. لقد سلمته نسخة تحوي الكثير من الثغرات التثويرية، لن يكتشف الثغرات التي فيها إلا بعد فترة حين تبدأ الأوامر التحكمية بأداء عكسي.. سيظن أنه فيروس دخل على النظام ثم سيحاول تصليح الخلل من خلال الطرق الأمنية في اغتيال وتصفية أي بشر يتمتع بالوعي لكن حينها سيكون كل شيء قد بلغ النهاية ... ستتحطم التكنلوجيا الخاصة به تماما وسيجد نفسه أمام شعب غاضب واع بالخدعة التي كان تحتها
-         هل تعرفين من هو ؟

-         لا ... لكنني أعرف أنه شرير جدا .. جدا !

الأحد، 5 أبريل 2015

الطريدة/ خيال علمي / ح3

الطريدة 3

نجح وينبرغ وعبد السلام وشلدون غلاشكو في تفجير اللغز الأول في دمج القوى الجديدة في عالم المعرفة : القوة الضعيفة والكهرومغناطيسية "الكهروضعيفة"، لقد كانوا مجرد حلقة من مسلسل الجوع الكبير للمعرفة والذي يزداد دائما.

كانت الدكتورة زينب ذات الأربعين ربيعا أكبر حالمة في عصرها حين بدأت تفكر بطريقة جديدة وغريبة إثر مشروعها المهتم  بلوغاريتميات الدماغ البشري .. وكلفها الإيغال في المشروع والإصرار عليه سمعة غريبة بين زملائها في الطبقة العلمية كمهووسة بالشذوذ العلمي واختراع مواضيع غريبة لا علاقة لها بالعلم بالنسبة لهم .. كما تلقت الدكتورة في نفس السياق إنذارات كثيرة من إدارة الجامعة العاملة فيها.
 قاتلت الدكتورة فترات كثيرة بفضل تصميمها وإرادتها ثم بالدعم القليل الذي حظيت به من قبل بعض الأوجه العلمية الغريبة المشابهة لها وكان من بينهم الدكتور مصطفى الذي يجري أبحاثه الخاصة بتمويله الخاص واستغلالا للعقارات والمنشآت التي ورثها عن أبيه.
***
في اليوم الموالي كانت الدكتورة في شقتها الواقعة في عمارة وسط المدينة ويبدو أن 6 ساعات مضت عليها وهي في حوار شاق مع لوحة التطبيقات التي تطور عليها تصوراتها في اللوغاريتمات التي تعمل عليها ، كانت جالسة وتتحسس الكمبيوتر ثم خاطبته بقرارها:
-         221221 لقد اخترت فريقي للمهمة التي تطلبها الأرض عام 2221 وهذا يمكن اعتباره إشعارا بموافقتي على التعاون .. الآن أخبرني ما لمطلوب.
-         طبعا.. لنبدأ من النهاية : إن تأثر الطبقة المركزية للأرض المكونة من الحديد والنيكل المنصهران في قلب الأرض فإن نقصان كميتها يخلق مجالا مغناطيسيا غير مستقر يدور في دوامة من توالد المجالات الكهربائية والمغناطيسية بطريقة متناوبة .. الأمر الذي سيجعل درع الأرض غير مستقر فتزداد قوته إلى أقصى درجة ثم تتناقص إلى أدنى درجة في وقت وجيز وأحيانا يصل الوقت لساعتين .. يبدو إذا أن الأرض ستنقذها فقط تكنولوجية تضبط التغيرات وتعيد مجالا مغناطيسيا ثابتا للأرض لحمايتها وبنفس قوة مجالها السابق.
-         يبدو لي الأمر ممكنا إن تم حساب التغيرات بشكل دقيق ثم تطبيق المجالات المعاكسة بالأسلوب الجيبي المعهود ــ قالت الدكتورة ــ
-         طبعا، .. يبدو هذا حلا ظرفيا وقد تم العمل عليه لكنه ليس نهائي فليس هناك من الطاقة الآمنة ما يكفي لإبقاء المجال ثابتا بالطريقة الجيبية التناسبية مع التغيرات اليومية،  هناك دائما أضرار بالحياة وبالأرض.
-         ماذأ نفعل إذا ؟ !
-         طبعا،,, عليك أن تحاولي التفكير معنا .
-         الطاقة المظلمة ، لا شك أن التكنولوجيا عندكم صارت تسمح باستخدامها بشكل كبير وآمن،
-         نعم لكن في نطاقات قليلة، نحن نستخدمها في الصناعات المحدودة فقد أكدت حساباتنا إن استخدامها في صناعة مجال مغناطيسي ثابت للأرض سيجعل الأرض تلتطم بالشمس بعد أربعين ألف سنة من لحظة بداية التجربة.
-         إذا نحتاج تكنلوجيا مستقبلية ربما نعثر عليها عن طريق اللوغارتمات الدماغية، فهي قد تؤمن لي فهما أوسع بما قد تفكر في الأجيال القادمة بشكل أكثر دقة .. إنها محاولة للتفاعل المنعش مع العقول المستقبلية، سأحتاجك وستعمل معي ربما 3 أسابيع لوضع التصور النهائي لإكمال هذا المشروع وسأساعدكم في المقابل .
عادت الدكتورة للغرق في تفكيرها وهي بانتظار الزائرين الذين ضمتهما لفريقها في إنقاذ عالم 2221، ودخل الصديقان محمود ومصطفى وقد ظهرت على الأخير علامات الإعياء الشديد وحاول كفاحه بالبدء في المطبخ حيث أعد قهوة مركزة.
أوضحت الدكتورة ببساطة للصديقين أنها كانت مخطئة في ظنها السابق وعن عزمها على مساعدة العالم في المستقبل.. ثم همست في صوت خفيت :
-         لقد استخدمت تحليلا انطباعيا متسرعا ربما لأني أكره عبارة "حسنا" ـ ثم ابتسمت ـ
كان عليها التأكد من أن فريقها الذي اقترحته على الكمبيوتر 221221 مستعد للمضي قدما وبعد أن سمعت الموافقة منهم كان عليها أن توضح لكل منهما ما عليه عمله .
كان على مصطفى أن يعود للتجارب حول محاولاته تصميم فراغ كامل مسحوب الطاقة وأن يحضر تلك الحجيرة في ظرف اسبوع أو اثنين ، وكان عليها أن تكمل مشروعها حيث تتوقع أن يساعدها في ذلك 221221 ..  ولم يبقى على محمود إلا أن يبقي فمه مطبقا بشكل كامل لكنه حاز إيماءة غير مفهومة من الدكتورة التي أعطته ذلك الاعتبار الرمزي الخادع كمنقذ للعالم ، وطبعا ما كانت لتتركه يجد الإحساس بلا أهميته في الموضوع فقد اقترحت مهمات جديدة غير مفيدة ـ كما توقعت ـ كجمع الجرائد التي تنشر أخبار الطقس في السنوات الأخيرة.

مر يومان .. ثلاثة أيام .. أربعة ... أسبوعان ، وانتهى كل شيء .